نبذة عن حياة خلف الأذن

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]

وهو من آل زيد المنحدرة من عائلة شعلان الكبيرة ، من عنزة . كان كما يصفه المؤلف (ثابت الجنان وشجاعاً فذاً وصارماً فتاكاً يلتف حوله أبناء عمومته وكلهم أبطال) ولد جندل (خلف الأذن) عدداً من رؤساء القبائل وشيوخ العشائر حتى لقد صاروا يسمونه (أبو الشيوخ) أي قاتل الشيوخ .

اشتهر (خلف) بعد المعركة التي خاضتها قبيلته مهاجمة (تركي بن مهيد) الذي كان قد غزا الزيد الشعلان وأخذ منهم إبلهم المسماة (العلي) وكلها إبل بيضاء وضحاء . فقد هاجم (تركي بن مهيد) وأطاح به من على فرسه وجدع أنفه بالسيف ، فكان إن إجتمعت عليه الفرسان فقتلوه .

وكان (خلف) إضافة لكونه فارساً شجاعاً قوي الإرادة صبوراً في الميدان ، كان أيضاً شاعراً كبيراً وهو ما أهله ليكون واحداً من (أبطال الصحراء) في مؤلف الأمير محمد ابن أحمد السديري ، الذي سبق وأن قلنا أن الفروسية والشاعرين كانا هما المقياسان الأساس الذين إعتمدهما المؤلف في كتابه (أبطال الصحراء) .

وبعد المعركة التي أشرنا إليها ، وإستعادة (آل زيد) لإبلهم التي غنمها منهم (تركي بن مهيد) أنشد (خلف) قصيدة بهذه المناسبة هذه بعض أبياتها :

حنا عصينا شيخنا من جهلنا الشيخ شيال الحمول الثقيلة

وأرخص غلامهم واشترى به زعلنا الله يمهل به سنين طويلة

إن قدم المركب وعنده حقلنا كم راس شيخ عن كتوفه نشيله

هذي فعول جدودنا هم وأهلنا بالسيف نقدي تايهين الدليله

وقد حدثت لذلك مشادة شعرية وتبادل تهديدات ووعيد بالشعر بين الفارسين الشاعرين (محدي وخلف) ، بعث (محدي) إلى (خلف) بقصيدة قال فيها :

يا خلف الأذن بالك تغبا يذكر لنا عند قعود جلابه

بالحرب عندك لي حمول تعبا وبيني وبينك بالرويلي طلابه

إن ما خذينا الثأر والا نهبا ويبقى علينا عقب (تركي) جنابه

نصبر ولابد الهبايب تهبا شيخ الشيوخ اللي عزيز جنابه

وقد أجابه (خلف الأذن) بقصيدة قال فيها :

كان أنت يا (محدي) لعلمي تنبا عيب على اللي ما يثمن جوابه

أنشد وتلقاني على سرج قبا مع سربة الأذان وإلا الشيابه

كم شيخ قوم من طعننا تكبا وعدونا سم الأفاعي شرابه

وتشاء الصدف ، فيما كانت المراسلات الشعرية جارية بالوعد والوعيد بين الفارسين الشاعرين ، أن تحدث معركة بين فرسان الرولة جماعة (خلف) وبين جماعة (محدي الهبداني) التي قامت بالغزوة فيقع (محدي) أسيراً فأنشد (خلف) قصيدة يعرض فيها بغريمه قال فيها :

راحت عليمات (الهبيدي) بسابيس خلوه بقياع الشجر تقل يومي

كيف الوهم يرمي عرود القرانيس ما به صواي وعاجز لا يقومي

ويلاحظ أن معظم الفرسان الشعراء يكررون في سفرهم بأشكال مختلفة الفكرة التي طرقها الشعراء الأقدمون وهي إطعام الذئاب والطيور الجارحة من لحوم الأعداء والخيل الذين يتساقطون في ساحة المعركة . وهذا (خلف الأذن) يجمع على مائدته أو يدعو إليها الذئاب والنسور الجائعة :

يا ذيب صوت النسور المجيعين أرع الشيوخ مجدعه بالكزامي

دجنا بوسط أدياركم يا مساكين ومنا تقلدتم قلوب النعامي

وفي قصيدة أخرى يطرق نفس المعنى قائلاً :

كم راس شيخ من تراقيه مشلوع وأول سعدنا وطيبة الحر لشلاش

والجنق أخذ من رايب الدم قرطوع من عقب شربه للقهاوي على فراش

خللي عشا لمهرقك الذيب مجدوع والضبعة العرجا تدور به أعراش

والشايب اللي قفونا يشتكي الجوع لو هو حضرنا نفض الريش وأعشاش

وبعد معارك كثيرة إندحر فيها (بنو صخر) أمام (خلف الأذن) وفرسانه الشجعان ، صار (بنو صخر) يتربصون بـ (خلف) . وقد إجتمع شيوخ بن صخر بقيادة الشيخ (طراد بن زبن) ووقعت معركة كبيرة ، إستطاع (خلف) خلالها أن يقتل عدداً من شيوخهم ، فيما إستطاع (طراد) الفرار إذ كان يركب فرساً سريعة عجزت خيول أعدائه أن تلحق بها .

وقد أرسل له (خلف الأذن) قصيدة قال فيها :

يا لله يالمطلوب يا عادل الصاع إن كان عندك للأجاويد ثابه

أنك تمشينا على درب الاسناع ياللي لداعي الخير ماصك بابه

الضرس يعبا له عن السهر مقلاع حتى تنام العين ما هي طلابه

يا (طراد) راحت بك طويلات الأبواع والشيب حل بسربتك والتهى به

ذيب المحيضر مخصب عقب ما جاع مكيف يلعب على أبو عتابه

و(طراد) عقب سيوفنا صار مطواع ضاعت عزومه عقب هاك الصعابه

ياما عملنا الطيب لا شك به ضاع ماش على درب الردا والخيابه

ومن القصائد الجميلة التي قالها (خلف الأذن) تلك التي أرسلها إلى الشيخ (النوري بن شعلان) الرئيس الجديد لقبائل الرولة ، وهم قبيلته يقول فيها عاتباً :

يا شيخ يا شيخ الشيوخ ابن شعلان عندك صليب الراي ما تستشيره

خمسين سيف ما يسدن بـ (شامان) خله لعجات السبايا ذخيره

أنشد هل العادات ذر بين الإيمان ويخبرك عني من يعرف السريره

إن ثار عج الخيل في كل ميدان تلقى علومي يا بن عمي كبيره

اقلط على الفارس بروغات الأذهان وأخوض غبات البحور الخطيرة

أشيل راسه من مزابير الأمتان ولا عاد يذكر كل شره وخيره

السيف يشهد لي ويشهد لي الزان ويشهد بفعلي من سكن بالجزيرة

ربعي هل العليا اليا ثار دخان مثل الزمول اللي تقاصف هديره

وبعد مدة طويلة من المعارك التي إقترنت باسم (خلف الأذن) وتركت دويها روائع من أشعاره التي ذاعت بين القبائل ، حلت النهاية المأساوية بهذا الفارس الشجاع والشاعر المقوال ، إذ كان نازلاً في أطراف الحرة فهاجمهم غزاة من شمر في منتصف الليل وأمطروهم بوابل من النيران مما أدى إلى مقتل (خلف) وزوجته وهم نيام ، وكان حينذاك مريضاً وطاعناً بالسن . وهكذا إنطوت صفحة قاتل الشيوخ الفارس المغوار ، (خلف الأذن) وكان ذلك خلال النصف الأول من القرن الرابع عشر .

كان (خلف) رحمه الله مشهوراً بالكرم وحسن الضيافة ورعاية الجار وقد أثنى عليه الكثير من الشيوخ والشعراء والفرسان .

ولم يذهب ثأر (خلف الأذن) هدراً إذ تجمع آل زيد الشعلان وذهبوا إلى الأمير (نواف بن النوري) الذي أخلف والده شؤون القبيلة وطلبوا منه أن يقودهم للأخذ بثأر الفارس (خلف الأذن) من قبائل التومان شمر الذين قتلوه وكان يرأسهم حينذاك (فيصل بن سند الربع) .

وبالفعل فقد نفذوا الهجوم وقتلوا الشيخ فيصل ، وغنموا جميع إبله التي كانت إبل والده من قبل .

وهكذا إنطوت هذه الصفحة المشرقة العابسة معاً من صفحات تاريخ هذه المنطقة تاركةً وراءها الكثير من قصص البطولة والثأر وكان ضحاياها دائماً الكثير من الفرسان والأكثر عدداً من القاتلين المجهولين .

» خلف الأذن الفارس البطل قصيدة
» خلف الأذن((ابا الشيوخ )) مع قبيلة الدروز
» ترقبو قصائد (( الفارس والشاعر خلف الأذن )) الشعلان
» أهمية العقيدة ودورها الخطير في حياة الإنسان
» من حياة النبي صلى الله عليه وسلم وسيرته