الأعشاب بين الطب النبوي والطب الحديث

بسم الله الرحمن الرحيم

الأعشاب بين الطب النبوي والطب الحديث

مقدمة :



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله .. أما بعد :

فقد درج الإنسان على مر العصور بما وهبه الله سبحانه وتعالى من ملكات التفكير والتأمل أن يجد حلولا لما يواجهه من مشاكل مادية كانت ام معنوية نفسية ام جسدية ، وهكذا بدأ يتلمس فيما يجده في الطبيعة من ماء أو نبات للتداوي وقد يكون وصل إلى ذلك بمحض الصدفة إلا أنه بدأ يأخذ منه ما يعالج به جروحه الظاهرة أو يهدئ من آلامه الداخلية ولم يكتفي بأن يدع تلك الاعشاب على حالها حيث أخذ يمزج بينها فتتكون لديه مايشبه المواد السائلة او الصلبة ومع التجريب بدأ يتعلم ما يصلح للآلام المختلفة من بين الاعشاب التي يقوم بالبحث عنها او زراعتها او استزراعها وهكذا ضلت الاعشاب إلى عصرنا الحاضر مصدرا للادوية الحديثة وان بقيت لدى العطارين او المداوين بالاعشاب على حالتها الاصلية وتختلف من مكان الى آخر ومن مجتمع إلى آخر كل بحسب ثقافته وموروثه الشعبي .

وعبر الاسطر التالية محاولة متواضعة لتوضيح الصورة الايجابية للتداوي بالاعشاب منذ العصر النبوي و النهج الطبي الحديث في معرفة أسرار التداوي بتلك الاعشاب .

الأعشاب في القرآن الكريم :

يقول الله تعالى في محكم التنزيل :

( وهو الذي انزل من السماء ماء فاخرجنا به نبات كل شيء فاخرجنا منه خضرا نخرج منه حبا متراكبا ومن النخل من طلعها قنوان دانية وجنات من اعناب والزيتون والرمان مشتبها وغير متشابه انظروا الى ثمره اذا اثمر وينعه ان في ذلكم لايات لقوم يؤمنون ) سورة الانعام آية (99)

في هذه الآية الكريمة اشارة واضحة على دلائل عظمة الله سبحانه وتعالى تتضمّن إعجازاً قرآنياً، فهي منهج متكامل للنبات والزراعة، وشرح للمراحل المختلفة في حياة النبات ، فعند نزول الماء على الأرض يحدث فيها عديدٌ من التغييرات الفيزيقية والكيماوية مما يؤدي إلى إنبات البذور والسيقان الأرضية.

وتدرج معجز لتلك العلاقة بين حياة النبات وحياة الانسان على الارض حيث ما يخرج منها بعد نزول المطر يعود إليه كغذاء أو دواء .

الاعشاب في الحديث الشريف :

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن فى الحبة السوداء شفاء من كل داء إلا السام"، السام: هو الموت (أخرجه الشيخان والإمام أحمد والترمذى(

والنبي صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى وفي هذا أكبر دليل على مدى ما للاعشاب من أهمية في التداوي بها وكيف أن مصداقية ما توصل إليه العلم الحديث في التداوي بالاعشاب أتى موافقا لما ورد في هذا الحديث الشريف الذي أشار إلى نوع من أنواع الاعشاب كمفتاح للإستفادة من بقية الانواع الاخرى لها .

ومن هذا عرف ما يسمى بالطب النبوي :

وإذا كان لابد من توضيح معنى الطب النبوي، فلننقل ما قاله الشيخ الطبيب محمود ناظم نسيمي رحمه الله في كتابه الرائع ( الطب النبوي والعلم الحديث) وهو من أفضل وآخر ما كتب في هذا الباب، قال: الطب النبوي هو مجموع ما ثبت وروده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مما له علاقة بالطب سواء كان آية قرآنية كريمة أو أحاديث نبوية شريفة.


كما لابد من توضيح أن الطب النبوي لم يكن طباً متكاملاً يضم كل فروع الطب، كما هو الحال في الطب اليوناني أو الهندي أو الفارسي، بل كان طباً مميزاً عما سبقه أو لحقه، إلا أنه في معظمه يدخل تحت قسم الطـب الوقائـي، وبعضه ـ وهو الأقل ـ يدخل تحت قسم الطب العلاجي، كما أن بعضه ـ وهـو قليل أيضاًـ يتعلق بشيء من علوم الطب كعلم الأجنة والوراثة وبعضه الأخير يتعلق بآداب مهنة الطب وأحكامه الشرعية.


تعريف الاعشاب :

العشب في اللغة : عشب يعشب عشابة : المكان : نبت العشب فيه .

والاعشاب نبت طبيعي تتنوع بتنوع المناخ والتضاريس منها ماهو نافع للإنسان ومنها ما هو سام .

أنواع الاعشاب :

الاعشاب المفيدة التي يتداوى بها الانسان ومنها :

الهيل ، الحلبة ، الزنجبيل ، الحبة السوداء ، اليانسون ، القرنفل ....

الاعشاب السامة التي لا يتداوى بها الانسان ومنها :

النسفيتون ،حشيشة السعال ،الساسا فراس ،سلع البقر ،رجل الغراب،كعض ،رضع أو أدخير شاي الأدغال ،الزرادند .....



للطب أنواع منها :

الطب التقليدى - Traditional Medicine:
هو ممارسة الطب بواسطة الطبيب الأكاديمى الحاصل على الدرجة العلمية فى الطب والتى تضم كافة التخصصات والفئات الممارسة له من ممارسى التمريض والأخصائيين والأطباء وجميع التخصصات.

الطب البديل - Alternative Medicine:
يستخدم مكان الطب التقليدى أى بديل عنه والمثال على الطب البديل نجد أن العلاج البديل فيه يستخدم مثلاً نظام غذائى معين لعلاج السرطان بدلاً من الجراحة أو الإشعاع أو العلاج الكيميائى والذى يوصى به الطب التقليدى.

الطب المكمل - Complementary Medicine:
يُستخدم الطب المكمل مع الطب التقليدى أى يكمله والمثال على الطب المكمل نجد أن العلاج المكمل يستخدم العلاج بالروائح (العطر) لتخفيف آلام المريض بعد الجراحة.

الطب الشامل (المتكامل - Integrative Medicine:
هو ذلك النوع من الطب الذى يجمع بين العلاجات الطبية وأساليب الطب المكمل والبديل والتى يتحقق فيها أعلى الدلائل العلمية من الأمان والفعالية فى العلاج

وهناك ماهو مختص بالاعشاب :


- طب الأعشاب - (Herbal Medicine):
من أكثر فروع الطب البديل استخداماً هو طب الأعشاب أو الطب العشبى، فتتعدد أنواع الأعشاب واستخداماتها وأغراضها ... يوجد على سطح الكرة الأرضية أكثر من 750.000 نبات والقليل منها فقط تم إجراء الأبحاث عليه ودراستها ودائماً ما يتم التركيز على دراسة مكونات نشطة فى النبات بدلاً من دراسة الخواص الطبية لكل نبات. ونجد أن الطب الطبيعى ليس مثل العقاقير المصنعة فهى تأخذ وقت أطول لكى تأتى بفاعليتها ...

طريقة صنع الادوية العشبية:

إليك مسميات ما يعمل من الأعشاب:


النقيع / المغلي/الصبغة/الشراب/النقيع الزيتي/النقيع البارد/الرهيم أو الكريم/المرهم/البرشام/الرفادة


الآن سنتناولها بالتفصيل:


*النقيع )بالغلي(

طريقة بسيطة يحضر كالشاي يرفع الماء المغلي عن النار ليهمد قليلا لان الماء الذي يغلي بقوة يبدد الزيوت المفيدة في البخار
توضع العشبة في إبريق مجهز بغطاء محكم يسكب الماء الساخن فوق العشبة

يترك المزيج لينتقع 10 دقائق ثم يسكب عبر مصفاة في فنجان ويستعمل ويمكن نترك الباقي في مكان بارد

*المغلي

هذه الطريقة تستخلص مقومات النبات الفعالة على نحو أقوى من النقيع وتستعمل للجذور واللحاء والغصينات وبعض

أنواع الثمار العنبية توضع العشبة في الماء البارد ويغلى المزيج برفق لمدة تصل لساعة حتى يتبخر ثلث السائل يجب

تحضير الكمية كل يوم بيومه حتى تستعمل طازجة

بعد ذلك يصفى المغلي عبر مصفاة ثم يستعمل حسب الوصفة


*الصبغة

تحضر عن طريق نقع العشبة المجففة أو الطازجة في مزيج من الكحول والماء بنسبة 25% المادة الكحولية

تعمل كحافظ مما يجعل الصبغة صالحة لفترة تصل إلى سنتين تحضر من نوع واحد من الأعشاب وتمزج
عند الحاجة
توضع في مرطبان كبير وتغمر بالكحول والماء يغلق وترك في مكان معتدل البرودة لمدة أسبوعين

مع رجه من فتره لأخرى

يوضع كيس الموسيلين حول حافة المعصرة يسكب المزيج عبر القماش

يضغط المزيج عبر المعصرة كما بالصورة وينتهي إلى إبريق لجمعه

) الفضلات المتبقية تشكل سمادا ممتازا(


يسكب السائل المصفى في زجاجة داكنة اللون


*الشراب

يمكن استعمال العسل أو السكر غير المكرر لحفظ النقيع أو المغلي وتشكل أشربة مثالية

للسعال خصوصا مع العسل لأنه ملطف ومهدئ

يسخن 500 مل من النقيع أو المغلي الجاهز في قدر يضاف إليه 500 مل من السكر

أو العسل ويحرك حتى يذوب يترك ليبرد ثم يسكب في زجاجة داكنة اللون تغلق

بإحكام بواسطة سدادة فلينية (استعمال الفلينية ضروري لان الاشربة المركزة غالبا

تختمر فتنفجر الزجاجة المزودة بغطاء عادي)

*النقيع الزيتي

يمكن استخلاص النبات الفاعلة في الزيت وذلك للاستعمال الخارجي في شكل زيوت للتدليك

ورهائم ومراهم يظل النقيع صالحا لمدة سنة إذا حفظ في مكان معتدل البرودة ومظلم

هناك طريقتنا لتحضيره النقيع الساخن والبارد


*النقيع الساخن

يوضع الزيت والعشبة في وعاء زجاجي فوق النار في قدر مزدوجة ويسخن بلطف 3 ساعات


يسكب المزيج في كيس موسيلين في معصرة

يسكب النقيع المصفى في زجاجة نظيفة ومحكمة السد


*النقيع البارد

تحشر كمية العشب في مرطبان لمائه وتغمر بالزيت يغطى المرطبان ثم يترك

على عتبة نافذة مشمسة لمدة أسبوعين أو ثلاثة

يسكب المزيج في كيس من الموسيلين مربوط بإحكام إلى حافة إبريق

يضغط على الكيس لعصر الزيت عبره


*الرهيم ) الكريم(


الرهيم هو مزيج من الماء والدهن أو الزيت يصبح طريا عند مده على الجلد ويندمج

معه تبقى الرهائم المصنوعة في البيت صالحة لعد ة أشهر ويمكن إطالة فترة الصلاحية

بحفظه في الثلاجة أو بإضافة بضع نقاط من صبغة اللبان

تذوب الهون مع الماء في وعاء فوق قدر تحوي ما ء مغلي أو في قدر مزدوجة

تضاف العشبة يسخن المزيج بلطف لمدة 3 ساعات

يسوى كيس موسيلين ثم يصفى في وعاء يحرك باستمرار حتى يبرد

يعبأ في مرطبا صغير مناسب تملا الحواف الداخلية أولا ثم يعبأ الوسط

*المرهم

يحتوي على زيوت ودهون فقط دون إضافة ماء وعلى عكس الرهيم لا يندمج مع

الجلد بل يشكل طبقة منفصلة فوقه كانت تصنع في الماضي من الدهون الحيوانية

أو هلام النفط(الفازلين) أو مع البارافين

يذوب الشمع أو الهلامي في وعاء فوق قدر تحوي ما مغلي تضاف العشبة وتحرك

في السائل ثم يسخن ساعتين أو إلا تصبح الأعشاب هشة

يسكب المزيج في كيس من الموسيلين

يلبس قفازان نظرا لسخونة المزيج ويعصر المرهم عبر الكيس

يسكب المزيج بسرعة في مرطبان صغير ونظيف لحفظه


الاعشاب في الطب الحديث :

من المعلوم أن زيت الحبة السوداء يملك تأثيرات وقائية للكبد تحميه من بعض أنواع التسممات الكبدية. ومن المعروف أيضًا أن الحبة السوداء نفسها تستخدم في الطب الشعبي في علاج أمراض الكبد.

ولهذا قام الدكتور (الغامدي) من جامعة الملك فيصل في الدمام بإجراء دراسة على الفئران لمعرفة تأثير محلول مائي من الحبة السوداء في وقاية الكبد من مادة سامة تدعى رابع كلور الكربون (Carbon tetrachloride).

وقد نشرت هذه الدراسة في مجلة (Am J Clin Med) في شهر مايو 2003م.

وتبين أن إعطاء محلول الحبة السوداء قد أدى إلى الإقلال من التأثيرات السمية لرابع كلور الكربون على الكبد.

فقد كان مســــتوى إنزيمـــات الكبد أقل عند الفئران التي أعطيت الحبة السوداء، كما كان تأثير المادة السامة على أنسجة الكبد أقل وضوحًا(1).

وفي دراسة أخرى نشرت في مجلة (Phytother Res) في شهر سبتمبر 2003 أكد الباحثون أن الفئران التي أعطيت زيت الحبة السوداء كانت أقل عرضة للإصابة بتخريب الكبد عند إعطائه المواد السامة مثل رابع كلور الكربون(2).
خاتمة :
مما تقدم يتضح بإيجاز ما للاعشاب من علاقة مباشرة بالطب الحديث وأن استمرار التداوي بالاعشاب دون تحويلها إلى ما يعرف بالادوية الحديثة يتطلب عناية خاصة من مراكز الأبحاث لوضع قائمة محددة بالاعشاب التي لا خلاف عليها وتأثيرها الطبي وغيرها مما لا يمكن التداوي بها وزيادة في نشر الوعي والتثقيف للمجتمع المسلم كون الاعشاب في جانب منها تطبيب نبوي ولها علاقة مباشرة بحياته التي توارثها عبر الاجيال .
ونامل أن نكون قد وفقنا في تصليط الضوء ولو يسير حيث أن التداوي بالاعشاب لا يمكن الالمام به لما يتم التوصل إليه بعد الأبحاث من اكتشافات تشير إلى أن المستقبل قد يعيد للتداوي بالاعشاب وهجه الممتد عبر العصور .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
جوهرة الغامدي وأفنان القحطاني
في 19-5-1430هـ
المصادر :
القرآن الكريم + الحديث الشريف
مقالات وابحاث نشرت عبر الانترنت.